من كتاب قراءة المستقبل / د. مصطفى محمود رحمه الله
عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان ؛ بنوا سور الصين العظيم .. واعتقدوا بأنه لايوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن ..!
خلال المئة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات !
وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه ..!
بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب.
لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس .. !
فبناء الإنسان .. يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم ..
يقول أحد المستشرقين:
إذا أردت أن تهدم حضارة أمه فهناك وسائل ثلاث هي:
١- أهدم الأسرة
٢- أهدم التعليم.
٣-أسقط القدوات والمرجعيات.
لكي تهدم اﻷسرة : عليك بتغييب دور (اﻷم) اجعلها تخجل من وصفها ب”ربة بيت”
ولكي تهدم التعليم : عليك ب(المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
ولكي تسقط القدوات : عليك ب (العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لايسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
فإذا اختفت (اﻷم الواعية)
واختفى (المعلم المخلص)
وسقطت (القدوة والمرجعية)
فمن يربي النشئ على القيم !!
“وأتذكر الان بحسرة كيف كنا نضحك ونحن صغار على مشاهد السخرية من المعلمين ولم تكن براءتنا لتسمح لنا وقتها بأن ندرك حجم الخطط الخبيثة لاخراج صورة مُعلمنا من صورة الرسالة السامية للمعلم الى صورة شحاذ ومتسول ومهرج , فلما تقدم بنا العمر خفي علينا ايضاً الصرخات المحمومة لما اطلقوا عليه حرية المرأة , فهي شرسة متنمرة ومتحفزة امام زوجها حتى صار بيت الزوجية حلبة ملاكمة وساحة صراع وليس بيت اساسه السكينة ودعائمه الرحمة وسقفه الود والتراحم , وهي برغم ما سكبوه في شخصيتها من جنوح للنزاع وحض على الانتزاع والندية في المعاملة الا انهم غضوا الطرف عن انتهاكها في بيئة العمل , فهي بين يدي مديرها , قد يتهجم وقد يتهكم وقد يعتدي , تتعرض للتحرش بالتلميح او التصريح , او بالفعل المقصود , او التنمر المعهود فلما راعها ذلك , ردوا عليها بان للنجاح ضريبة , وانها في تحررها مُصيبة , فخربت البيوت وضاعت الاسر وتهاوت المجتمعات “